لطالما اعتُبرت العلامات التجارية حكراً على الشركات والمؤسسات الربحية، إذ تمثل قوتها وشهرتها عاملاً من أهم عوامل النجاح للمؤسسات، وتمثل مكوناً رئيساً من مكونات رأسمالها، وعاملاً حاسماً في ترويج سلعها ومنتجاتها التجارية.
غير أنه مع دخول العولمة التي نتج عنها انفتاح دول العالم على بعضها البعض، وانتقال رؤوس الأموال بحرية عبر الحدود والقارات، بحثاً عن المناخ الأفضل للتجارة والاستثمار، أصبح الاهتمام بالسمعة والشهرة التجارية جزءاً رئيساً من استراتيجية المدن والدول، التي باتت تحرص على تحويل اسمها إلى علامة تجارية للتميز والجودة، مما يساعدها في استقطاب الاستثمارات ورؤوس الأموال التي أصبحت مكوناً رئيساً من مكونات الحركة الاقتصادية في كل دولة.
حضور قوي على محركات البحث العالمية
على هذا الصعيد تبرز تجربة إمارة رأس الخيمة كقصة نجاح متميزة في استثمار سنوات الطفرة الاقتصادية لبناء سمعتها وشهرتها في عالم الاقتصاد والأعمال، ولتبني علامتها التجارية الخاصة بها كوجهة استثمارية واعدة بالنجاح والعوائد الاستثمارية العالية، في ذات الوقت الذي تتوافر فيه بنية سياحة واستجمام فريدة في الجمع بين الطبيعة والحداثة، ضمن منظومة من الاستقرار السياسي والأمان الاجتماعي الذي يوفر أجواء السلامة للأفراد والعائلات، بما يفوق العديد من أكبر مدن العالم.
ويمكن تتبع تجربة إمارة رأس الخيمة في بناء علامتها التجارية عبر أدوات رصد وتحليل عديدة، أهمها محرك البحث جوجل، حيث أظهر تحليل نتائج البحث عن إمارة رأس الخيمة من العام 2004 وحتى العام 2011 تضاعف اهتمام الناس بإمارة رأس الخيمة والمؤسسات التابعة لها بشكل كبير يقارب أربعة أضعاف من مستخدمي محرك البحث الناطقين باللغة الإنجليزية، في حين أن اهتمام الجمهور العربي بقي ضمن معدلات ثابتة لم تتغير.
اللافت في تجربة رأس الخيمة توجهها نحو العالمية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، ففي حين كانت معدلات البحث عن إمارة رأس الخيمة من قبل مستخدمي موقع جوجل متقاربة بين اللغتين العربية والإنجليزية في العام 2004، إلا أن معدلات البحث عن الإمارة من قبل المستخدمين الناطقين باللغة الإنجليزية تعدى المستخدمين العرب لموقع جوجل بثمانية أضعاف مع بداية العام 2011، وهو مؤشر هام للمكانة المتميزة التي حققتها الإمارة خارج حدود الدولة.
عند تحليل القطاعات التي كانت أكثر شعبية واهتماماً في البحث بين مستخدمي موقع جوجل، نجد أن القطاع العقاري والمشروعات الكبرى التي أطلقتها إمارة رأس الخيمة في فترة الطفرة العقارية أتت في صدارة نتائج البحث، إضافة إلى بروز بعض المشروعات التجارية الكبرى مثل بنك رأس الخيمة وسيراميك رأس الخيمة.
وقد كان لطيران رأس الخيمة حضوراً بارزاً وقوياً جداً في دعم العلامة التجارية للإمارة ورفع معدلات البحث عنها عبر محرك البحث جوجل، في خطوة تدل على أهمية قطاع الطيران في الترويج التجاري والسياحي للإمارة، لاسيما وأنها تمتلك مطاراً متكاملاً، ولديها منطقة حرة تستقطب العديد من المكاتب الإقليمية والشركات التجارية العالمية.
الحضور الإلكتروني
بطبيعة الحال فإن القياس الدقيق للعلامة التجارية والشهرة يحتاج إلى معلومات أكبر بكثير مما توفره المواقع الإلكترونية ومحركات البحث، ولكنها تمثل مؤشراً هاماً يغفل الكثير من المهتمين بالترويج التجاري والتسويق عن الانتباه إليه.
رؤية استراتيجية للقيادة
يبقى أن نؤكد على أن بناء العلامة التجارية ليس بالمهمة البسيطة أو السهلة، وتحتاج إلى خطة طويلة الأمد، لأنها تبنى على السمعة المتراكمة من مختلف العوامل والمؤثرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لتصل بالصورة الذهنية في النهاية إلى المكانة والتقدير الذي يحظى باهتمام الجمهور.
غير أن ما تبديه قيادة رأس الخيمة من عزيمة قوية في هذا المجال، ووضع هدف بناء العلامة التجارية للإمارة وتحقيق شهرتها على مستوى عالمي ضمن الرؤية الاستراتيجية للإمارة، يعزز الشعور بالثقة بأن ما تم استثماره من قبل حكومة رأس الخيمة في البنية التحتية بشكل مكثف في السنوات الماضية سيعود بالرخاء والازدهار على دولة الإمارات وأبناء رأس الخيمة على المدى الطويل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق